الأربعاء، 1 أغسطس 2012

سقوط القيم



بقلم: وميض قلم


عندما قرأت مقالة المثقف المشهور والمعروف جدا ”الأستاذ تركي الدخيل“، أيقنت بأني لم أعد أرغب في الانتماء لهذه الطبقة البرجوازية التي كانت تنافق طوال السنوات الماضية، وتدعي أنها ليبرالية وتحررية وتبحث عن الحياة الكريمة للإنسان، أي إنسان كان، وكل من يحمل صفة الإنسانية فهو بالتالي إنسان، فهذه الطبقة ”الحلم“ تبددت في خاطري بعد ما شاهدت تساقط أبطالها واحدا تلو الآخر، وذهبت كل القيم التي كانوا يقاتلون من أجلها


أو ”يدعون أنهم يقاتلون من أجلها“، واختفت من قواميسهم -مقابل مجموعة من الدراهم- التي ملأت بطونهم وأخرست ألسنتهم ردحا من الزمن، وكنا بخير في هذه المرحلة ”الخرسية“ الصامتة التي مروا بها، ولكنهم عادوا مرة أخرى لينطقوا من جديد، ولكن هذه المرة نطقوا كفرا، والكفر بالمبادئ أصبح موضة في أيامنا هذه، بل أصبحت صفة للمثقفين، وقد استطاع هؤلاء المثقين الجمع بطريقة درامية عجيبة بين الكثير من التناقضات التي ماكانت لتجمع لولا قدرة هؤلاء المثقفين المتميزة على الكتابة بتبرير المواقف


البشعة لأرباب نعمتهم، فها هو الأستاذ العظيم تركي الدخيل، الذي لم يتردد في نقل مقولات أشهر الفلاسفة من الشرق والغرب، فلا تخلوا مقالاته وكتاباته من كونفوشيوس، كاوتيليا، سن تزو، جون لوك، جان جاك روسو، وغيرهم ممن دعوا لقيم الحرية والعدالة بين الناس، ولم نسمع لفيلسوف يفرق بين إنسان وآخر لفكره ومذهبه وتوجهه وانتمائه العقدي، ولكن مثقفينا يخترعون ويبتدعون كعادتهم ليبهروا العالم بقدراتهم اللامحدودة، المعجزاتية الشيوخية كما يصفها ضاحي خلفان، ليأطروا للمرحلة دينا جديدا، يجمع بأسلوب دراماتيكي بين الليبرالية والجامية في أبشع صورها، ويأتي هذا المخلوق الجديد ليضرب كل المبادى بعرض أكبر برج في دبي، وهو برج خليفة العظيم.



وبما أن المباني ترتفع في دبي وأبوظبي، يقف المثقفين في أعلى القمم هناك، لينظروا إلى الناس بنظرة فوقية لا تلامس واقعهم، بل يرون الناس صغارا بسبب تمركزهم في موقع عال شاهق الارتفاع، وهم بذلك لا يعلمون أن الناس أيضا في المقابل وفي الجهة الأخرى يرونهم صغارا بسبب بعدهم عنهم، وما هي إلا أيام معدودة ونرى بأعيننا ونتيقن من مقولة، ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع، بل لا داعي للانتظار فقد وقع فعلا ووجدنا ذلك في مثقفي السلطة الذين زاحموا علماء السلاطين في تنافسهم على الدراهم، وتزلفهم وتقربهم لأصحاب القرار.



ولا يخفى على أحد في هذه الأيام الاعتقالات التعسفية في الإمارات الحبيبة وتسابق الأقلام المأجورة لشرعنتها وتقنينها لانتهاكات السلطة، انتهاكات لم تحترم عرفا ولا قانونا ولا حقا للإنسانية وكرامتها، وزادت حدتها في شهر الرحمة، شهر رمضان المبارك، ولكن الله سيظهر الحق لا محالة، ولا شك بأن تساقط المثقفين دليل على إفلاسهم ونفاقهم، وسنرى في الأيام القادمة الكثير الكثير منهم، خصوصا أصحاب القلوب الدرهمية، ولكن أبشرهم بأن الناس لم يعودوا كما كانوا متساهلين مع تفاهاتهم كالسابق، ولن تنطلي عليهم كلماتكم المزيفة، والثورات العربية أثبتت فشلكم وضعف تأثيركم، وحان وقت الخريف العربي، لتسقط أوراقكم وتسقطوا معها في مستنقعكم أنتم وأسيادكم..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق